لماذا أهل السنة والجماعة ينسبون إلى الإمام الأشعري.
ماذا فعل أبو الحسن الأشعري حتى صار أهل السنة والجماعة ينسبون إليه.
الأشعري لم يأت بشيء جديد عما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والسلف الصالح.
فالأشعري لم يفعل في أمور العقيدة إلا كما فعل سيبويه في علوم النحو واللغة، وكما فعل الشافعي في علم أصول الفقه.
فقد حدث بعد سنة مائتين وستين للهجرة انتشار بدعة المعتزلة والمشبهة وغيرهما فقيض الله إمامين جليلين أبا الحسن الاشعري المتوفى سنة 324 هـ وأبا منصور الماتريدي المتوفى سنة 333 هـ رضي الله عنهما فقاما بإيضاح عقيدة أهل السنة التي كان عليها الصحابة ومن تبعهم بإيراد أدلة نقلية وعقلية مع رد شبه المعتزلة والمشبهة وغيرهما فنسب إليها أهل السنة فصار يقال لأهل السنة أشعرية ماتريدية.
فالأشعري جمع أقوال الأئمة ورتبها ثم استدل عليها بالمعقول والمنقول فبين الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على عقيدة أهل السنة والجماعة أظهرها ووضح المقصود منها ونصرها بالأدلة العقلية لأن العقل السليم لا يأتي بما يناقض الشرع.
وكان يصرح أنه على عقيدة الإمام أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة الذين سبقوه وليس هناك عقيدة للأشعري وإلا له سلف فيها أو جاء بما يثبتها من القرآن والسنة وسلف الأمة.
ولم يقل الأشاعرة إن الأئمة الأربعة كانوا أشاعرة، بل قالوا إن أغلب أتباع الأئمة الأربعة أشاعرة وهذا ما تثبته مراجعة سير العلماء وكتبهم.
فلو نظرت في كتب تراجم العلماء من القرن الرابع الهجري إلى يومنا هذا لوجدت أن أغلب العلماء كانوا أشاعرة وماتريدية وهم جمهور الأمة المحمدية، فلو أردت أن تقصي من قائمتك أو مكتبتك من الأئمة الأعلام من هو أشعري أو ماتريدي فلم يبق بها أحد لأن كل أئمة الحديث والفقه واللغة وغيرها من العلوم كانوا أشاعرة وماتريدية.
ولم يختلف الأشاعرة عن الماتريدية في أصول العقيدة بل هم متفقون واختلفوا في بعض فروع العقيدة التي لم يضللوا بها بعضهم بل كل منهم يثني على الآخر ويمدحه، وما فعله الماتريدي إلا كما فعل الأشعري فكلاهما إمام أهل السنة والجماعة.
فكما اختلف الصحابة في بعض فروع العقيدة كإثبات الرسول صلى الله عليه وسلم رؤية ربه فبعض الصحابة نفاها وبعضهم أثبتها ولم يضلل أحد منهم الآخر كذلك الخلاف بين الأشاعرة والماتريدية.
وما فعله الأشعري من علم العقائد إلا كما فعل الشافعي في علم الأصول نظمها ورتبها وإن كانت معلومة قبله. وكما فعل أبو الأسود الدؤلي وسيبويه في العربية.
فسمي من سار على طريقته أشعري ومن سار على طريقة أبي منصور الماتريدي ماتريدي.
كما من مشى على طريقة الشافعي في الفقه يقال له شافعي ولمن مشى على طريقة أبي حنيفة حنفي وهكذا ولم يطعن أحد منهم بالآخر.
فقد قال ابن السبكي في ترجمته في الطبقات: "واعلم أن أبا الحسن الأشعري لم يبدع رأيا ولم يُنشِئ مذهبًا وإنما هو مقرِّرٌ لمذاهب السلف، مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالانتساب إليه إنما هو باعتبار أنه عقد على طريق السلف نِطاقًا وتمسك به وأقام الحجج والبراهين عليه، فصار المقتدي به في ذلك، السالكُ سبيلَه في الدلائل يسَمَّى أشعريًّا".
وقال الإمام البيهقي: " إن أبا الحسن الأشعري رحمه الله لم يحدث في دين الله حَدَثا ، ولم يأت فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين فنصرها بزيادة وشرح وتبيين".
وذكر العز بن عبد السلام أن عقيدة الأشعري أجمع عليها الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة ووافقه على ذلك من أهل عصره شيخ المالكية في زمانه أبو عمرو بن الحاجب وشيخ الحنفية جمال الدين الحصيري وأقره على ذلك التقي السبكي.
ويقول تاج الدين السبكي: "وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة في العقائد يد واحدة كلهم على رأي أهل السنة والجماعة يدينون لله تعالى بطريق شيخ السنّة أبي الحسن الأشعري رحمه الله". ثم يقول: "وبالجملة عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول ورضوها عقيدة".
قال الحافظ مرتضى الزبيدي في شرح إحياء علوم الدين: "الفصل الثاني إذا اطلق أهل السنة والجماعة فالمراد بهم الأشاعرة والماتريدية". اهـ
وقال الفقيه الحنفي ابن عابدين في حاشيته: "أهل السنة والجماعة وهم الأشاعرة والماتريدية".
ثم اقرأ معي ماذا يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام مما يدلك على صحة مذهب الأشعري فكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حق ولا يأتي بالباطل فقد قال: (لتفتحن القسطنطينية فلنَعم الأمير أميرها ولنَعم الجيش ذلك الجيش) رواه أحـمد.
فالصحابة ومن جاء بعدهم تسابقوا لينالوا هذا الشرف العظيم لأنهم فهموا أن هذا مدح عظيم ورضا واسع وقبول من الله ورسوله لمن ينطبق عليه وجيشه هذا الحديث فهل يظن عاقل أن من ينطبق عليه الحديث ويظهر فيهم الأولياء والكرامات يكون على ضلال!!!!
لا يقول هذا إلا جاهل أعمى البصر والقلب، لاحظ عقيدة الجيش كانت العقيدة الأشعرية وخلال فترة الخلافة العثمانية وما قبلها لأن العقيدة الأشعرية هى التى كانت سائدة فى زمنه وقبل زمنه وزمن الخلافة العثمانية لذلك تجد كل القادة الفاتحين وفرسان ميادين العلم والحديث وفرسان ميادين الجهاد والسنان كلهم أشاعرة ومنهم وصلنا الدين وهم امتداد الأئمة الأربعة وهم حلقة الوصل إلى الصحابة إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا هم من مدحهم عليه الصلاة والسلام.
فمن يضلل الأشاعرة والماتريدية فهو يضلل علماء أهل السنة جملة، وأهل السنة والجماعة هم السواد الاعظم الفرقة الناجية.
فقد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم الأشاعرة لما نزل قول الله تعالى: (فسيأتي اللهُ بقومٍ يحبُّهم ويحبُّونه) قال عليه الصلاة والسلام: (هم قومُ هذا) وأشار إلى أبي موسى الأشعري. رواه الإمام الطبري في تفسيره وابن أبي حاتم كذلك، وابن سعد في طبقاته، والحافظ ابن عساكر في تبيين كذب المفتري والطبراني في معجمه الكبير وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ورجالُه رجالُ الصحيح.
وهذا هو دين الله الذي كان عليه السلف الصالح وتلقاه عنهم الخلف الصالح، وطريقة الأشعري والماتريدي في أصول العقائد متحدة. فالمذهب الحق الذي كان عليه السلف الصالح هو ما عليه الأشعرية والماتريدية وهم مئات الملايين من المسلمين فكيف يكون هؤلاء السواد الأعظم على ضلال.
فبعد هذا كله يأتيك من يقول الأشاعرة على ضلال، أو يقول لك بزعمه على وجه المسبة هذا أشعري فاحذره.